كيف تغير الدراسة عبر الإنترنت مستقبل التعليم؟
Medya Dili | İleri
(1)
حاول أن تعود بالذاكرة إلى أول فصل دراسي دخلته في حياتك، سواء كان ذلك الفصل في مدرسة أو حضانة أطفال، حيث كانت هناك سبورة سوداء وطباشير ملونة جذبت انتباهك بشكل كبير. وغالبا ما كنت تؤدي واجباتك ومهامك المدرسية في دفتر أو أوراق مستخدما قلم رصاص، وألوان الشمع، وكنت ترسم الصور بيديك. لنعد سريعا الآن إلى الفصل الدراسي في عام 2017، سوف نجد أن كل شيء قد تغير. لم يعد هناك استخدام لألوان الشمع ولا الطباشير، إذ حلت محلهما الشاشات، والشبكات الاجتماعية، والحوسبة السحابية، والواقع المعزّز.
(2)
لقد غيرت التكنولوجيا من طريقة عمل الفصل الدراسي، لا في المدرسة فقط، بل في النظام التعليمي كله؛ لذا تجد طلاب هذه الأيام منذ دخولهم الحضانة حتى وصولهم إلى الجامعة، ينخرطون في التعليم عبر الإنترنت بداية من يومهم الأول في الدراسة. وفي ظل هذا الحجم من النموّ المتزايد في التقدم التكنولوجي، أصبحت مؤسسات التعليم العالي تعمل في بيئة تنافسية متزايدة، وفي أسواق غير مستقرّة.
(3)
ففي المملكة المتحدة، أدى فرض الرسوم المتزايدة على التعليم الجامعي، وإزالة سقف قبول الطلاب، والمنافسة المحتدمة بين الطلاب، إلى خلق حقبة لم يسبِق لها مثيلٌ من “التعليم الاستهلاكي”. فقد أكدت التغطية الصحفية الكثيفة الأخيرة لما يُسمَّى “المجانية للجميع” –التي عرضت جامعات راسيل جروب مجموعة من البرامج التعليمية العليا وفقها- وجهة النظر التي تعتبر الطلاب مجرد مستهلكين في “سوق المشتري”.
(4)
وفي خضم كل ذلك، تغيرت معايير الطلاب للتعليم المناسب، فالطلاب الأكبر سنا -الذين يتطلعون للحصول على مؤهلات دراسية عليا- يريدون أن يكون تعليمهم أكثر قيمة وذا شأن، لكنه لابد أن يتّصف بالمرونة الكافية ليتناسب مع التزاماتهم ومسؤولياتهم الحالية.
كما اختفى دور الجامعات في إعداد الطلاب لسوق العمل. فحتى بعد تخرج الطلاب بأعلى التقديرات، تصبح هناك حاجة متزايدة وضغط مستمر عليهم للاستمرار في التعليم.
(5)
خلال العقد الأخير، ارتفع عدد الطلاب الدوليين بشكل كبير في جامعات المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ولكن مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي البادي في الأفق -فضلا عن عدم الترحيب بنظام التأشيرات- بدأت هذه الأرقام تتراجع خلال الآونة الأخيرة.
وبالنظر إلى المشاكل السياسية -وتزايد الصعوبات التي يواجهها الطلاب الدوليون في الحصول على التأشيرات- ثمة حل واحد قد يغيّر طريقة الحصول على التعليم بالفعل. ففي عالم ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سوف يُنظر للتعليم عبر الإنترنت على أنه أداة هامة للطلاب الدوليين من أجل المضي قدما في مسارهم التعليمي. كما يمكن أن يساعدهم أيضا في الحصول على درجة دراسية من إحدى الجامعات البريطانية، دون معاناة الانتقال من أوطانهم.
(6)
بناء على ذلك، فإن برامج التعليم عبر الإنترنت المصممة بعناية، سوف توفر الخبرة العالمية للطلاب. والأهم من ذلك أنه يمكن أن توفر هذه البرامج أيضا خبرة للطلاب، وتمنحهم مجموعة من المهارات القيمة لحياتهم العملية المستقبلية. إن الفصول الدراسية عبر الإنترنت، وحسن التعاون بين مختلف الدول والثقافات الأخرى، سوف تعكس بيئة العمل التي يوجد فيها هؤلاء الطلاب، أو التي يتطلعون للعمل فيها.
(7)
إن التعليم عبر الإنترنت يستطيع تحطيم الحواجز التي يصعب التغلب عليها، ويساعد في تبادل المعرفة بين شتى أطراف العالم. وهو ما يوفر للطلاب المعرفة الجديدة التي تزداد ثراء بمختلف الآراء الدولية والوعي الثقافي. يضمن التعليم عبر الإنترنت أيضا إمكانية استكمال التعليم أو الوصول إليه عن بعد من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن عدم التأكد مما سيبدو عليه مستقبل التعليم العالي. ولكن، لكي يحدث ذلك، لابد لمؤسسات التعليم العالي أن تواصل توفير وتطوير سبل جديدة لإيصال برامجها التعليمية. وسيضمن ذلك تطبيقها لأحدث الاتجاهات والتطورات العالمية، ويجعل التعليم في متناول الجميع بالفعل.